الرئيسيةزاوية المقالاتمصير المظاهرات السلمية كما يراه روادها

مصير المظاهرات السلمية كما يراه روادها

السبت, 15 كانون1/ديسمبر 2012 02:24
مكتب دمشق الإعلامي مكتب دمشق الإعلامي

تحقيق لمكتب دمشق الإعلامي ، دمشق:

إعداد و كتابة : Rose Syr

 

وسط ازدحام الشوارع وأصوات السيارات وضجيج المدينة
وقف أبو عرب على أحد الأرصفة  المزدحمة في دمشق يترقب موعد قد أُعِد له مسبقاً
 وعلى وجهه تبدو علامات التوتر والقلق إزاء رؤية أحد الدوريات الأمنية أثناء توجهه للمكان ...
ينظر إلى ساعته  وهو يتبادل النظرات في وجوهٍ قد ألف رؤيتها مراراً وتكراراً ..
 ينتظر برهة  قبل أن يعلن عن كلمة السر المتفق عليها ( تكبيــــــــــر )
لتجد الشارع قد امتلأ بعشرات من الشبان والفتيات يرفعون اللافتات والأعلام وتصدح حناجرهم بشعارات مناهضة للنظام السوري وسط اندهاش المارة ..

  دقائق تمر قبل أن يُخلى المكان إلا من مجموعة هائلة من القصاصات التي خلفتها المظاهرة وسط دمشق  .
ويتكرر هذا المشهد في عدة أماكن من مدينة دمشق منذ أكثر من سنة ونصف ..


"المظاهرات هي شريان الثورة ونبضها وإذا توقفت فإن الثورة ستخمد"

هكذا أجاب أبو عرب وهو أحد قادة المظاهرات في دمشق عندما سألناه عن رأيه في المظاهرات اليومية التي تخرج في العاصمة فهو وبحسب تعبيره يرى أن توجه الثورة نحو العسكرة لا يعني أبداً موت الثورة السلمية .. وأي نشاط سلمي مهما كان بسيطاً سيكون له أثره على النظام وإن اختلف هذا التأثير من مرحلة إلى أخرى
يتابع أبو عرب ويقول : "إن المظاهرات في دمشق أخذت تتوسع حتى لم يعد هناك منطقة في دمشق إلا وطالها الأحرار وهذا ما أثر سلباً على نفسية النظام وأتباعه."

لأبي عمر رأي مشابه فهو يجد أن استمرار المظاهرات في هذه الفترة يدل على أن الثورة لا زالت تتمتع بطابع سلمي رغم الحشد العسكري الذي  أُرغمت عليه ، ولكن هناك عدة شروط لاستمرارها ، يقول :
"لا يمكننا أن ننكر أننا ماكنا وصلنا إلى هنا لولا المظاهرات ,  إلا أنها في هذا الوقت أصبحت خطراً نوعاً ما , فمنطقة خروج المظاهرة أصبحت أحد الحجج التي يستخدمها النظام لإيذاء أهالي الحي أهاليها و إفراغ الحقد عليهم.
وعلى هذا فإن المظاهرات يجب أن تستمر ولكن في أماكن هامة وبقلب العاصمة وأسوقها على أن لا تكون مصدر إيذاء لأُناس أبرياء كأطفال الحي و نسائهم وألا نخاطر بأروح شبابنا , فإن مثل هذه المظاهرات يكون وقعها داخل النظام كوقع العمليات العسكرية  فهي تحدٍ لهم كما أنها تقلل من معنوياتهم "


المظاهرات إيصال صوت وإثبات وجود

تقول فرح وهي أحد الناشطين بالمظاهرات اليومية بدمشق
"عن نفسي أتظاهر لأنها الطريقة الوحيدة التي أستطيع من خلالها أن أوصل صوتي للجهات التي تعتبر نفسها حامية لنا ، ولرفض الظلم الذي تعرضنا له مراراً  ، فقد بقي صوتنا مكبوتاً لمدة من الزمن ووجدنا في التظاهر السبيل الوحيد لإيصال كلمتنا للعالم  ككل"
وتضيف فرح  " رغم تضاؤل أهمية المظاهرات في الفترة الأخيرة نتيجة توجه الحراك إلى التسليح إلا أنه مهم للغاية وخاصة في العاصمة التي تعتبر تحت سيطرة النظام .. وذلك لإظهار أن النظام مرفوض شعبياً ،ولإعطاء الجيش الحر غطاء  شعبي يحتضنه . "

أما اسماعيل أحد رواد المظاهرات فهو يجد  بأن استمرار المظاهرات في دمشق خصوصاً هو إثبات وجود ودليل على عدم التهاون والخنوع وأن الثورة مستمرة رغم كل القمع  ، أي أن هدفها في الوقت الحالي يندرج تحت الهدف المعنوي لا أكثر .. ويضيف " إن توقف المظاهرات في دمشق سيقلل من معنويات الثوار فيها .. لأن النظام إن استطاع وأد النشاط السلمي فهو حتماً سيتوجه لوئد النشاط العسكري "

تغيرت الأهداف ولكن المبادئ واحدة
 
يحدثنا شامي عن أهداف التظاهر فيقول :
"عندما نتظاهر فنحن نعتبر أنفسنا نبض الشارع الذي يريد أن يوصل صوت الشعب
، وقد تغيرت أهداف التظاهرات عما كانت عليه من قبل ، حيث أصبح للمظاهرات لها هدف توجيهي لتقويم  أخطاء الثورة وتصحيح مسارها ."
و هو يرى بأن توقف المظاهرات سيحول الصراع إلى صراع بين جيشين الجيش الحر والجيش النظامي ولن يكون للشارع ذاك الدور الذي خرج من أجله ألا وهو إثبات وجوده وفرض رأيه .
يقول شامي " هناك الكثير من الشباب لم تسمح لهم ظروفهم بأن ينضموا للجيش الحر أو يساعد في الثورة المسلحة فيقومون بالإضافة إلى الدعم الطبي والإغاثي بالتظاهر للتعبير عن رأيهم وإثبات وجودهم ."


لفرح رأي مشابه تقول :
" بقيت المبادئ التي خرجنا بها منذ البداية هي نفسها إلا أنه قد حصل الكثير من ردات الفعل وهي نتيجة طبيعة لإجرام النظام فحدث انزياح عن مثاليات الثورة وليس مبادئها فجاء التظاهر ليقوّم هذا الانزياح ."   

تحدٍ وإصرار لن يفهمه إلا من خرج في مظاهرة وسط دمشق
 
أبو بسام يعتبر التظاهر وسيلة جيدة لتغيير وجهة نظر الناس نحو الثورة وهي تحدٍ واضح لإجرام النظام وتُظهر الثوار بمظهر بطولي وأن لديهم هدفاً يَسعون من أجله وهذا الشعور لن يفهمه إلا من خرج في مظاهرة ..
يقول  " عندما تخرج في مظاهرة وسط دمشق ستجد حولك عدة شرائح من الناس .. منهم المؤيد ومنهم الصامت ومنهم الخائف او الحيادي وحتى الشبيح .. وجميعهم سيتأثرون بالمظاهرة حسب مكانتهم .. فهي تعتبر تحدي للشبيح وإثبات لوجودنا نحن الثوار ..
وتحرك مشاعر الصامت او الخائف لتظهر له بأنه في بلد ثائر وأنه لم يعد هناك مكان للخوف فيه .
أما المؤيد فهي تثبت له بأن للشعب كلمته رغم كل القمع الذي تعرض له ".
ويضيف : " لك أن تتخيلي نفسك وأنت تقفين أمام البرلمان وبيدك كميرا , المظاهرة من طرف تهتف ضد النظام

والحراس من الطرف الآخر .. شعور لا يوصف ! ."

مظاهرة دقيقة تحتاج لتنظيم أسبوع

 يحدثنا أبو بسام ( أحد منظمي المظاهرات ) بأن كل مظاهرة تخرج في دمشق يسبقها الكثير من الدراسة والتخطيط والمشاكل يقول " المظاهرة التي مدتها دقيقة أو أكثر بقليل .. تحتاج إلى تخطيط وتنظيم لمدة أسبوع .. وعند تنظيم أي مظاهرة فإننا نواجه العديد من المشاكل ..
 تعتبر مشكلة اختيار المكان هي أول صعوبة نواجهها في تنظيم أي مظاهرة بقلب العاصمة ومن ثم نقوم بمراقبة المكان على عدة أيام وبأوقات مختلفة لمعرفة الوقت الذي يتناسب مع المكان ..
نحاول قدر الإمكان ان نتوقع كافة الإحتمالات التي قد نواجهها ونناقشها من أجل أن نُحسن التصرف في حال حدوثها"


انحسار أهمية التظاهر

مع تطور الأحداث في الفترة الأخيرة ، انحسر دور المظاهرات في دمشق وقلت أهميتها بسبب التضيق الأمني الذي تفرضه السلطات السورية من جهة ، وبسبب توجه الثورة نحو التسلح من جهة أخرى ، عن هذا يقول اسماعيل : " من الواضح -و بدون نقاش- أن المظاهرات لم يعد لها الأسباب و النتائج و الأغراض نفسها
من لحظة وصول النشاط المسلح إلى قلب العاصمة دمشق , والكثير من الناس حتى من أوساط المتظاهرين أنفسهم لم يعودوا يؤمنوا باستمراريتها وأهميتها وهذا الرأي له ركائز قوية أهمها ميزان التضيحات والمكاسب ،فالمكاسب المادية للمظاهرات أضحت معدومة فعلياً .. فالهدف المتعارف عليه من المظاهرات هو إيصال صوت الشعب إلى الحكومات وهذا قد تم منذ أول شهر في الثورة "


أما أبو فاروق وهو أحد المتظاهرين السابقين فهو يرى أن سلبيات المظاهرات في الوقت الحالي أكثر من إيجابياتها ، فالفائدة الوحيدة التي قد تحققها المظاهرات حالياً هو التأكيد على استمرار الثورة  , فوقت المظاهرات السلمية قد انتهى وتوجه الوضع نحو عسكرة الثورة
يقول : " أنا شخصياً تعرضت لحالتي اعتقال و إطلاق رصاص لعدة مرات بالإضافة إلى كسور في أضلاعي أثناء خروجي في المظاهرات سابقاً ولست على استعداد أن أخسر نفسي من أجل مظاهرة ! "

ولسليم رأي مشابه  يقول : " لم يعد للمظاهرات السلمية ذاك التأثير الذي كانت تحدثه في أول الثورة .. فهي مجرد (كركبة) للأمن وإثبات وجود لا أكثر .. أي أن تأثيرها معنوي فقط .. فالإعلام بشكل عام لم يعد يهتم للمظاهرات
والمظاهرات النوعية كان لها هذا التاثير إلا انه أخذ ينحسر مع الانتشار الأمني والتضييق على مدينة  دمشق ، فإذا نظرتي مثلاً إلى حي الميدان فقد كان من أكثر المناطق الثائرة تظاهراً إلا أن إنتشار الحواجز والدوريات اليومية في الحي جعل من التظاهر هناك أمراً في غاية الخطورة  حتى إنها قد تضر أحيانا بأهالي المنطقة التي خرجت فيها مظاهرة فيأتي الأمن وينتقم منهم بعدة طرق ."




تنويه : معظم الأسماء التي ذكرت سابقاً هي أسماء حركية أو وهمية حرصاً على سلامة الناشط

تم قرائته 2478 مرات آخر تعديل في الأربعاء, 19 كانون1/ديسمبر 2012 00:57

رأيك في الموضوع

شاركنا بتعليق

برنامج المكتب على الأندرويد

« سبتمبر 2023 »
اثنين ثلاثاء الأربعاء خميس جمعة سبت الأحد
        1 2 3
4 5 6 7 8 9 10
11 12 13 14 15 16 17
18 19 20 21 22 23 24
25 26 27 28 29 30  

كن دائماً على تواصل معنا