كتبها لمكتب دمشق الإعلامي ، عايف التنكة :
رغيف الخبز.
لا يعي قيمة رغيف الخبز سوى من فقده أو صعُب عليه تأمينه ، و كما هو واضح و جلي ، فإنه ليس زيادة تُوضع على طاولة الطعام أو رفاهية تُزين بها مائدة.
والواقع الذي تعيشه سوريا عموماً يحكي عن معاناة أهاليها بتأمين هذه المادة الأساسية التي إن حضُرت أراحت رب الأسرة و إن فُقدت ، أصابت أفرادها بشيء لا يمكن شرح معانيه في سطور!
أفران ريف دمشق و أفران دمشق العاصمة ، الحكومي منها والخاص ، الصغير منها و الكبير ، من كان يخبز لحي و من كان يخبز لأكثر ، اليوم تعاني من نقص في المواد الأولية اللازمة للعمل و اللازمة لإنتاج كمية تتناسب مع حجم الطلب على الرغيف
.
يقول شهود العيان من هنا و هناك بأن المخابز باتت تعاني من نقص حاد و إنعدام أحياناً لمادة الخميرة التي يعتمد عليها في صناعة العجين ، وبالتالي و رغم توفر الطحين (الدقيق) الخاص بالخبز الشامي (المرقد) فإنه لاينفع لإنتاج الرغيف المعتاد بلا خميرة ومعامل الخميرة في دمشق بالأساس هي معامل حكومية و تتواجد في ريف دمشق.
يروي المواطنون قصصاً و بطولات تحكي واقعاً جديداً لم يمر مسبقاً على السوريين ، حيث أن الشخص بات مجبراً على النزول من منزله إلى المخبز قبل الفجر ليحجز دوراً لعله وبعد أن يفتح المخبز أبوابه يحصل على مبتغاه ولو كان بمقدار يسير ، حتى أن مواقع التواصل الإجتماعي باتت مليئة بصور الشباب الذين يحملون ربطات الخبز مبتهجين بما نالوه بعد العناء من باب الدعابة.
و نرى بعض المواقع والمجموعات التي تعنى بشهادات العيان ( كمجموعة شاهد عيان سورية) مثلاً قد خصصت مكاناً يومياً لشهادات العيان حول المخابز و عملها و توفر الرغيف و سعره الغير ثابت و لرواية ما يحصل من تجاوزات لعناصر الأمن والشبيحة للطوابير والمواطنين و حصولهم على الخبز بكميات كبيرة من دون لا رقيب ولا حسيب بحجة أنهم منتسبين لجهاز الأمن فقط.
الوضع الراهن يقول أن أزمة مادة المازوت (ديزل) المفقود أصلاً و إن وجد فإنه بأسعار خيالية ، والذي يعتمد عليه مواطنوا سوريا في التدفئة في فصل الشتاء أصلاً ، أن أزمة المازوت أثرت على عمل الأفران و أدت إلى إغلاق العديد منها ، وتتبعها وبنفس الأهمية مشكلة الخميرة المفقودة والمرتفعة الثمن ، و تليها أزمة الطحين التي كلما ضاقت فرجت عبر تاجر ما هنا أو هناك ، مما أدى إلى ارتفاع سعر ربطة الخبز من 15 ليرة سورية إلى ما يزيد عن ال 70 ليرة و فاقت المائة أحياناً.
ناهيك عن مشكلة انعدام الغاز المنزلي أو شح وجوده و ارتفاع ثمنه أضعافاً مضاعفة .
ينقسم المواطنون في طرق تعاملهم و تفكيرهم بتلك الأزمات ، فمنهم من يؤمن أن ما يحصل هو تتمة فصول حرب النظام ضد شعبه و يستشهدون بأن النظام قصف في عدة مدن و قرى سورية طوابير المواطنين الذين ينتظرون دورهم على نوافذ الأفران ، و أنه قطع الكهرباء و مازال يقطعها عن الكثير من المناطق و أن العاصمة باتت تنام في ظلام لساعات طويلة لا يمكن معرفة
أوقات الإنقطاع فيها أو الوصل للتيار ، وأتى دور الخبز بعد الحجر والبشر وكل ما حصل.
ومنهم من يعتبر الموضوع هو نتيجة للأوضاع الأمنية والحصار لبعض المناطق التي بات من المستحيل أن تمر عبرها المواد والبضائع مما يؤدي إلى عدم وصولها للمدن والقرى المحيطة.
وبين هذا و ذلك ، تستمر المعاناة و المسير نحو نفق مظلم لا يمكن لأي مواطن أن يتكهن ماذا سيجد في آخره ، ولكن وفي نفس الوقت لمسنا و وجدنا أن أغلب من استطلعنا آراءهم و قابلناهم هم أناس اعتادوا المصاعب و المحن و يحف تفكيرهم دائماً الأمل في وسط و آخر الطريق.
خاص مكتب دمشق الإعلامي.