الرئيسيةزاوية المقالاتالركوع و مسوغاته

الركوع و مسوغاته

الثلاثاء, 17 كانون1/ديسمبر 2013 22:45

الغوطة الشرقية، عن الحصار والتحرير:

بقلم :عايف التنكة.

 

جسم نحيل لرجل كان إذا ضُرب للصحة و القوة مثل ذُكر اسمه ، وطفل لا يعرف كيف يعبر عن شوقه للحلوى تارة و عن جوعه تارة أخرى سوى بالبكاء.
حصّالة نقود خاوية ، كُسرت منذ شهور طويلة و لم يعد فيها سوى ذرات الغبار.
رفوف فارغة إلا من بعض أنواع البهارات قليلة الاستخدام و قليل من المربيات.
 
لم يعد الحديث الرئيسي لربة المنزل مع جارتها يتحدث عن طبخة اليوم ، فالخيارات باتت محدودة و أحياناً أخرى معدومة.
أما عن حديث الحي من كبيره لصغيره فهو شقّان، الأول عن قائمة أسعار اليوم والشق الآخر عن الطريق إلى الفَرَج المرجو.
 
من يطالع أخبار الغوطة الشرقية قبل أيام و أسابيع، وتحديداً قبل تحرير محيط بلدة العتيبة و قبل عمليات تحرير منطقة عدرا القائمة حالياً، يجد أن البلد برمتها في طريقها إلى الهلاك السريع.
هلاك سيجر معه كل الاتجاهات و كل الأطراف العاملة وكل السكان و كل شيء !
وكأنها أيام الحياة الأخيرة ، إذ لم يعد فيها للعقل حساب ولا للتخطيط حساب ولا حتى للحساب حساب!
 
فهنا صاحب أرض اقتات هو و أجداده على محصول أرضه و شجرها و زيتونها، بات اليوم يقص الشجر لا بل يقتلعه اقتلاعاً ليتدفأ به أو ليبيعه حطباً.
وهنا جهة ما تُعنى بالأمور الطبية في إحدى المناطق تسطو على مستودع جهة أخرى لتجرده من محتوياته النادرة والمقدرة لمعالجة مصابي و جرحى الغوطة كاملة لتبيعها بأبخس الأثمان ظلماً و عدواناً جهاراً نهارا.
 
ناهيك عن طعام قد فقدت مكوناته وخضار ارتفع ثمنها لألف سبب و علّة، أسخفها كان بأنها قد تستخدم بديلاً عن رغيف الخبز على المائدة الفقيرة.
 
شعب عاد للبغال و الدراجات الهوائية في أحسن حالاته ، وبات يتحدث عن البدائل لتمضية ما تبقى من حياته.
 
حطبٌ في كل مكان ، دخان كثيف من كل منزل و دكان!
مدافئ تحرق الأخضر و اليابس!
 
كل هذا ، والشعب مستمر على ما بدأ فيه من مبادئ إلا القليل.
قليل سقط عنهم ما تبقى من أوراق التوت اليابس أصلاً ، فتبجحوا لا بل نشطوا و علا صوتهم و صراخهم و نحيبهم و انحصرت ثقافتهم بعدة أمور على سبيل التخصص.
 
فتجدهم يذكرون الناس بهناء العيش المزعوم قبل تحرير الأرض ، وتجدهم يُحملون المقاتلين عامة و المجاهدين خاصة مسؤولية الحالة التي وصل إليها الشعب لا بل أكثر من ذلك ، فتجد الكثير منهم يطرح البديل مباشرة و بدون تردد مستغلاً الحالة التعيسة التي وصل إليها الكثير من السكان نفسياً و مادياً فيتحدث بلسان النظام مخاطباً الأهالي و المقاتلين و ناصحاً إياهم بالمصالحة و المهادنة وغيرها من الأمور التي يروج لها النظام السوري أصلاً سراً و علانية.
 
وإذا ما نظرنا بدقة إلى هؤلاء المروجين المطبلين المزمرين سنلاحظ جلياً بأنهم من الطبقة المنتفعة من الحصار و بأنهم من الفئات التي تحتكر البضائع و تُدخل ما تريد لمناطق الحصار عبر منافذ النظام من سلع استهلاكية ضارة و تستنزف المال العام بدون سيطرة كالدخان مثلاً.
 
ويبقى أمثال هؤلاء يسرح و يمرح أمام مرأى و مسمع السكان دون حساب و دون محاسبة، لعل ذلك لأنهم يمتلكون من السلع ما يبحث عنه الجائع اليوم ، لكن وللتذكرة ، فإن لكل بداية نهاية ولابد أن يكون لهذا الحصار من نهاية ولعلها قريبة بإذن الله ، حينها لاندري هل سيبقى الوضع على حاله أم أن لهؤلاء المضلين المحتكرين حساب آخر مع من ذاق من طعم علف المواشي في رغيف الخبز الحالي الذي يشبهه شكلاً و يختلف عنه بكل ما تبقى من صفات.
 
الشعور العام في الغوطة يتحدث عن أيام معدودة و أمل قريب لكسر هذا الحصار ، ومن يدري؟
فبعد المطاحن و تاميكو و محيط العتيبة والقصر القطري واليوم مدينة عدرا بأقسامها الضخمة 
 
لعل هناك نصر أكبر ينتظره السكان يعيد لهم بعض التوازن لحياتهم اليومية ويعينهم على بدء فصل شتاء لم يدخل بحسب التقويم لكنه بدأ و بقوة ..برداً و ثلجاً و مطراً.

 

.عايف التنكة
أبو عمر الصحفي.
الغوطة الشرقية.

 

 

مكتب دمشق الإعلامي 

تم قرائته 4177 مرات آخر تعديل في الخميس, 26 كانون1/ديسمبر 2013 19:06

رأيك في الموضوع

شاركنا بتعليق

برنامج المكتب على الأندرويد

« سبتمبر 2023 »
اثنين ثلاثاء الأربعاء خميس جمعة سبت الأحد
        1 2 3
4 5 6 7 8 9 10
11 12 13 14 15 16 17
18 19 20 21 22 23 24
25 26 27 28 29 30  

كن دائماً على تواصل معنا